كيف يمكن لإمرأة بمثلِ هذا التألق أن تكون بمثلِ هذه الحماقة؟ربما قلتي هذه العبارة من قبل أو سمعتها من أشخاصٍ آخرون حين يتحدثون عن بعض النساء اللواتي لديهن موهبة الغطرسة ونابغات في التفوه بالأمور الخرقاء في الأوقات غير المناسبة، ولكن على العكس من توقعاتهم، فإن هذه المرأة غالباً ما تكون ذات تفكيرٍ أكبر من الطبيعي وبدأت مسيرتها المهنية في سنوات دراستها الجامعية الأولى، وكانت تحصد أعلى العلامات ولكنها وحيدة وشعبيتها منعدمة تقريباً، وقضت سنوات عمرها وهي تراقب الناس الأقل مستوى منها يحصلون على أفضل الوظائف و يصبحون أكثر شعبية.


قدمي الشكر والإمتنان للآخرين لأنهم يستحقون



لا نستطيع أن نحدد إذا كان وضع هذه المرأة يمكن أن يتغير، ولكن إذا درسنا وضعها بتمعن لنعرف السبب الذي جعل الآخرون نادراً ما يتقربون إليها، سنجد أن الذكاء ليس السبب فهي لا تفتقر إليه طبعاً، ولكن ربما يعود السبب إلى لطفها و صراحتها الزائدة عن الحد بشكلٍ عفوي، فهي لا تعرف بأن الآراء الصادقة ليست ضرورية وأن التفوه بها أمرٌ لا يمتُ للطافةِ بصلة «أظنُ أنّ عليكِ أن تعرفي... »
  • غالباً ما تكون هذه العبارات هي الأكثر قسوة في اللغة، فهي تقدم معلومات لا يجب أن يعرفها المتلقي، وهذه المرأة لديها شغفٌ بقولِ الحقائق المزعجة التي قد توصلكِ لعيادة الطبيب النفسي، باختصار، هي ليست بارعة في العلاقات الإنسانية.
  • إن تحليل ذاتي قاسٍ وصارم من شأنه أن يكشف لها ما تُحب أن يُقال لها، وكيف تُحب أن يراها الآخرون، وهذا هو السبيل الوحيد الذي سيوضح لها بسرعة الطريقة التي يجب أن تتحدث بها مع الآخرين والأسلوب الذي يجب عليها اتباعه.

و الأن لنتحدث عن إمرأة من نوعٍ آخر، هذه المرأة تحصد أقل العلامات في اختبارات الذكاء، ولم تكن يوماً ذات أي نشاط دراسي في الجامعة، ومع ذلك فقد كانت رئيسة فريق للنشاطات الاجتماعية، وربحت لقب (أجمل فتاة) في إحدى مسابقات الجمال، أليس هذا رائعاً؟ ربما!

ومع ذلك، كانت كل فتاة وكل فتى في الحرم الجامعي يتمنى انضمامها إليهم في حلقات الدراسة، وكانت تتلقى الكثير من الدعوات لحضور كل الأنشطة الجماعية وجلسات الألعاب.

كانت غير موجودة أكاديمياً، ولكنها موجودة اجتماعياً وبشدة، ولكنها كانت ذكية بما فيه الكفاية لتجذب الناس من حولها، كانت تجمع كل الصفات النادرة كالإحترام والإخلاص والعطف وعذوبة المعشر، تحب مساعدة الآخرين وتجاملهم بدون تصنع، كانت تنتقي الكلمات المناسبة في حواراتها لتعزز ثقة الآخرين في أنفسهم، وحتى بعد أن تزوجت، أصبحت زوجةً وأماً مشهورة بين جيرانها بجمال منزلها وروعة أطفالها وجاذبيتها الأخاذة، فموهبتها ليست سراً غامضاً، بل مهارة يمكن تعلمها وتطبيقها بكل سهولة.


شكراً لك...

بالكاد يمر عليكِ ساعة من دون أن يقوم فيها شخص ما بعمل شيء ما لكِ، قد يكون فتى البقالة أو ساعي البريد، والأهم منهم هم الأفراد الذين يعملون معكِ في نفس المكان والذين يعيشون معكِ في نفس المنزل.

هل توقفتِ من قبل للحظة وفكرتي في مقدار لطف وإنسانية هؤلاء الأشخاص الذين يجعلون حياتكِ أكثر راحة؟ كعامل الهاتف وعاملة التنظيف في المنزل والبستاني والسائق، هل تأملتِ من قبل في أُسلوب معاملتكِ معهم؟ هل هم بنظركِ مجرد أُناسٌ تدفعين لهم مقابل خدماتهم؟ إن أسلوب تعاملكِ معهم يعكس أسلوب تعاملكِ مع أي شخصٍ آخر في حياتكِ، فالجاذبية سحرٌ ينبع من دفء المشاعر وليس من أدآب السلوك فقط.
  • (شكراً لك).. كلمة إجلال واعتراف بأننا نعيش من خلال الدعم والتقدير المتبادل فيما بيننا، وستتمكنين من معرفة قيمة كلمة (شكراً) في الوقت الذي تُدركين فيه تماماً أن جوهر الحياة هو التعاون المشترك.
  • يتمحور الأمر بأكمله حول عبارة صغيرة، لذا توقفي عن التساؤل عما إذا كان من الضروري قول ذلك، فمثل هذا الفضل ينعكس بشكلٍ إيجابي على العلاقات الإنسانية من حولنا.

فهل هذا يعني بأن عليكِ أن تكوني تلك المرأة التي تُحرج الآخرين بالشكرِ والامتنان المبالغ فيه؟ بالطبع لا، فلا تكوني من ذلك النوع الذي يكتسح الآخرين بكلماتِ الشكر والعرفان والتعبير عن الإمتنان مقابل دعوة عادية أو إطراء، فمثل تلك النساء يُشكلن خطراً عاماً على المجتمع.

ونؤكد مرةً أخرى غاليتي، بأن الشكر يجب أن يخلو من الإسهاب والانتقاص من شأن الآخرين وإهانتهم، والشيء المهم هو إدراككِ لأولئك الذين ساعدوكِ مهما كانت تلك المساعدة صغيرة، يمكنكِ ببساطة التعبير عن كل الامتنان والحفاوة بكلمتين اثنتين فقط (شكراً لك) من دون مبالغة أو نسيان.

الأحكامُ الباطلة


دائماً ما يُطلِق علينا الرجال لقب (قطة) ولا يعاملوننا بإنصاف، ولكن إذا أردنا أن نتخلص من ألقابٍ كهذه، فلِما لا نتوقف عن عادات الحوار المليئة بنُكرانِ المعشر؟ فالمرأة لديها عادةٌ عقيمةٌ بادعاءِ إطلاق الأحكامِ المناسبة على الآخرين، ولكنه ادعاءٌ زائف لأنه لا يمنح الضحية فرصةً لاتخاذ موقف الدفاعِ عن النفس، والنساء محترفاتٌ جداً في هذا المجال.

فحين نجلسُ مع صديقةٍ ما لنتحدث عن أخطاء ونواقص شخصٍ غائب، ينتابنا شعورٌ زائفٌ بالأُلفةِ فيما بيننا لأننا نتفق سوياً على نفس الكلام، ومن السهل جداً حينئذ إبراز أنفسنا من خلال الحديث على أننا أرفعُ مقاماً ومنزلة منه، بينما نغتالهُ بأقسى الكلمات، ومن السهلِ أيضاً أن نبدو محنكين وأذكياء ونحن نُشير في حديثنا سوياً إلى حلول بسيطة بنظرنا لهذه التجاوزات بالنيابة عنه.

عادة ما نبدأ مثل هذا الحوار بإطراءٍ بسيط لنثبت لأنفسنا بأننا مُنصفون بحقِ من نتحدث عنه:
  • «ليلى إمرأة كفؤة ومؤهلة بالتأكيد.»
  • « نعم، ولكنها تجعلني أبدو سطحيةً جداً مقارنةً بها بسبب عدم اهتمامها بملابسها على الاطلاق.»
  • «لا أرى سبباً وجيها لشعوركِ هذا! فهي يمكن أن تكون بمثل هذه القدرات وتولي اهتماماً أكبر لملابسها في نفس الوقت.»
  • «أرأيتِ تلك القبعة التي كانت ترتديها ذلك اليوم ؟ ....»


و يستمرُ الحديث حتى يصل الأمر أحياناً لذكر تحليلات متشائمة مثل:
  • «عليها أن تنتبه لمثل هذه الأمور قبل أن تأتي إمرأةٌ أخرى لتخطف منها زوجها.»

إذا استمع أحدهم لمثل هذا الحوار، سيظن بأن كلتا المرأتينِ تكرهان ليلى وسيؤكد آخر على أنهُنّ يشعرنّ بالغيرةِ منها لأن زوجها شخصٌ رائع، ولكن أي منهما ليس على حق، فالمرأتانِ تحبان ليلى ولا تهتمان لا بملابسها ولا بطريقة تفكيرها ولا حتى بزوجها، ولا يتمنيان لها بأن تأتي إمرأة لتختطف زوجها منها وتقضي على زواجها السعيد، فهذا الحديث كله ليس إلا حوار ودردشة عادية ليس لها أي قيمة بالنسبةِ لهن.
وبغض النظر عن حقيقة أن ليلى ربما كانت قد سمعت بعض من هذه التعليقات، فإن مثل هذه الطريقة في إصدار الأحكام على الآخرين واغتيابهم يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن المرأة الأنيقة الراقية.


هل هذا يعني أن عليكِ دفن قدراتكِ الإنتقادية؟

من الممكن القيام بذلك، ولكن يمكنكِ أيضاً الإحتفاظ بمثل هذه القدرات الذكية والفعّالة لاستخدامات أخرى، اقرئي صحف مختلفةِ الأراء للخوض في نقاشات شرسة حول المواضيع المختلفة المذكورة في الاخبار، أو ناقشي الشخصيات العامة ودورها في المجتمع، فالمجال واسع أمامكِ للتنفيس عن تلك القدرات وتطويرها في مكانها المناسب، من دون أن تستخدمي البشر من حولكِ كأدواتٍ لإشباع هذه الرغبات.

كل ما عليكِ فعله هو عزل هذه المحادثات بمنأى عن المستوى الشخصي، فاتهامات كالمرض والجنون والحرمان وسوءِ التصرف الجنسي تُعتبر مواضيع مشوقة للنقاش ولكنها لا تُثبت شيئاً على أرضِ الواقع وليست سوى مواضيع يلجأ إليها ذوي العقول الكسولة والفارغة التي تحب الثرثرة والقيل والقال.