على الرغم من أن الناس تعتقد أن السوشيال ميديا أوجد نوعا جديدا من العلاقات العاطفية التي تنشأ بين أشخاص لا يعرفون أي شيء عن بعضهم البعض، لكن الحقيقة هي أن هذ النوع من العلاقات ( غير المرئي، أو عن بعد ) طبيعة بشرية قديمة، يعرفه الإنسان منذ قرون، وربما منذ أن بدأت الكتابة، لكن الويب جل الأمر أسهل حيث تتيح التكنولوجيا عبر الإنترنت، بالإضافة إلى الرسائل النصية القصيرة، وجود اتصال أسرع وأكثر مباشرة، كما أنه يتيح الحوار المستمر مقارنة بالتفاعلات البطيئة التي تعتبر نموذجية للحروف. على الرغم من أن الأمر قد يستغرق شهورًا إلى عام حتى يتواصل الأزواج وبالتالي يتقاربون في الماضي، يمكننا اليوم إجراء تفاعلات طويلة وعميقة بضربة مفتاح (أو شاشة تعمل باللمس).
يقول بعض الخبراء إن التواصل عبر الإنترنت قبل المقابلة وجها لوجه أو على أرض الواقع، يمكن أن يعزز العلاقات الناضجة، تلك التي تنشأ بناءا على الإهتمامات المماثلة والتكافيء الفكري، حيث ينفتح الناس على بعضهم البعض بشكل أسرع وأكثر عمقًا. لكنها أيضا يمكن أن تكون مكانا خصبا للزيف والخداع.فعندما يتعلق الأمر بالرومانسية، غالبًا ما يُنظر إلى الرسائل النصية، على أنها أدنى شكل من أشكال التواصل.
المشاعر المفقودة:
ولأن هؤلاء الأشخاص الذين تلتقين بهم عبر الإنترنت لا تعرفينهم جيدا، فمن الصعب أن تثقين بهم أيضا، ولكن كل شيء يعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت، التحدي بالطبع هو أنه مع مواقع التواصل الاجتماعي هذه، يكون كل مستخدم مسؤولاً عن ملفه الشخصي العام. مما يعني أن الأشخاص ينشرون ويشاركون كل ما يريدون أن يراه الآخرون، وليس بالضرورة من هم عليه بالفعل. قبل وسائل التواصل الاجتماعي، عندما كانت لدينا تفاعلات الحياة الواقعية، كان عليك أن تري الشخص على حقيقته، وليس من كان من خلال الصور ذات الإضاءة المثالية، والزوايا المشرقة.
شخص يشبهك:
إذن ما الذي يجعل هذه العلاقات الرقمية ناجحة؟
وفقًا لدراسة أجريت عام 2002 بعنوان "تكوين العلاقات على الإنترنت: ما هو الجذب الكبير؟" فإن من أهم عوامل الجذب لعلاقات الإنترنت بجميع أنواعها القدرة على العثور على الأشخاص الذين يحبون نفس الأشياء التي تحبها.
اليوم وعبر مواقع الاتواصل الإجتماعي بات لدينا العديد من الخيارات والفرص للإلتقاء بشريك مناسب، لكن المشكلة هي كيف تختارين الرجل المناسب بين كل هؤلاء، أعتقد أن معظم الفتيات ببساطة لا تعرف كيف تختار. ماذا لو أعجبت بشاب ما ترينه مناسب لك، لكنه لم يعجب بك؟ أو ماذا لو اخترت شابا، لا يبدوا في الحقيقة كما هو في البروفايل؟ ماذا لو اتخذت القرار الخاطئ؟ ماذا لو كان هناك شخص آخر هو الأفضل بالنسبة لك؟.
يمكن أن يكون الحب أعمى:
تشير بعض الأبحاث أيضًا إلى أن الدردشة عبر الإنترنت، يمكن أن يكون لها تأثير أفضل مقارنة بالعلاقات وجهاً لوجه. في دراسة "تكوين العلاقة على الإنترنت"، اختبر الباحثون، ما إذا كانت مجموعة من الطلاب سيحبون بعضهم البعض أكثر بعد اجتماع عبر الإنترنت أو شخصيًا. وجدوا أن المجموعة عبر الإنترنت كانت أكثر ودية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى جودة التفاعل الرقمي نفسه. باختصار: سمح الويب للمشاركين بالتخلص من الانحرافات الشخصية والتركيز على التواصل بصراحة وصدق.
من المؤكد أن هناك بعض المزالق التي تنطوي على الكثير من التفاعل عبر الإنترنت قبل الاجتماع شخصيًا. إنه يمكن التخفيف من تأثير المثالية من خلال توسيع علاقة تتجاوز حدود الكلمة المكتوبة. فعندما يعتمد الناس على المزيد من أشكال الاتصال القائمة على النصوص، فهذا هو المكان الذي ترى فيه الناس يميلون إلى المثالية. عندما يستطيع الأشخاص في العلاقات التحدث عبر الهاتف أو عبر سكايب، يكون الأمر أقرب إلى التحقق من الواقع. كل شكل جديد من أشكال الاتصال يمنحنا بشكل تدريجي مزيدًا من المعلومات حول هذا الشخص.
بالطبع، ليست كل علاقات الحب عبر الإنترنت تؤتي ثمارها، وقع رجل في حب امرأة قيل له إنها ماتت بسبب مرض السرطان، وهي امرأة كان عليه أن يودعها مرتين بعد أن اكتشف أنها لم تكن موجودة في الواقع. الويب مليء بالمحتالين. وجدت دراسة عام 2008 أن 81٪ من الناس عبر الإنترنت اعترفوا بالكذب بشأن وزنهم أو طولهم أو عمرهم أو مزيج من الثلاثة في ملفاتهم الشخصية. يتيح الويب للمستخدمين تقديم أفضل ما لديهم للجمهور، وفي بعض الأحيان تكون هذه الذات مبالغًا فيها.
ومع ذلك، لمجرد أن موضوع عواطف المرء عبر الإنترنت ليست حقيقية، لا يعني أن مشاعره ليست كذلك. فالحزن الناجم عن الوقوع في حب شخص غير موجود، أو مخادع، تجعلك تشعر بالقهر، والألم، والعار، إنها إهانة مزدوجة. لأنه من ناحية، هو فقدان شيء من الحب، هناك أيضًا الإذلال المرتبط به، والشعور بالسوء تجاه نفسك. لم تفقد فقط شخصًا لم يكن يحبك حقًا، بل وتم خداعك أيضا.
إن الحيلة الوحيدة هنا هي أن تكوني ذكيًة بشأن علاقة الحب الخاصة بك على الإنترنت قبل الخوض في العمق.
ولكي تتجنبي الوقوع ضحية الحب عبر الإنترنت نقدم لك نصيحتين:
أولا: ابحثي عن الحقيقة:
تجنبي تأثير البروفايل أو المنشورات الرائعة للشخص الذي تعتقدين أنه مناسب، حتى لا تقعي ضحية للكلمات المنمقة والصورة المفلترة قبل أن تتعرفين عليه بشكل مباشر، وتعرفين جيدا ما هو عليه في أرض الواقع، بمعنى عليك أن تسعي إلى السؤال عنه، عن عائلته، عن طبيعة شخصيته وعمله، قبل أن تنخرطي معه في محادثة تعارف على السوشيال ميديا، من المهم ان تتعرفي على واقع ذلك الشخص جيدا، قبل أن تلقي بنفسك أمامه، أو تتعلقين به، أو تقعين تحت تأثير هالته الإلكترونية الوهمية.
ثانيا: التقيه وجها لوجه:
هناك طريقة واحدة فقط لتحديد ما إذا كان لديك مستقبل مع شخص ما، وهي مقابلته وجهًا لوجه. لا شيء آخر يمكن أن يمنحك إحساسًا بمدى تقبلك أو انسجامك او انجذابك لشخص آخر مثل اللقاء والتحدث وجها لوجه. ولا ما إذا كنتما ستشعلان الشرارة. "فالدماغ هو أفضل خوارزمية، لا يمكن ببساطة استبدال الوقت وجهاً لوجه بالتكنولوجيا. لا يوجد أي شيء آخر على هذا الكوكب يمكنه أن يعطيك فكرة واضحة عن طبيعة العلاقة التي قد تجمعك بشخص ما، مالم تلتقيه، وتتعرفين عليه عن قرب، ما يمكن أن يفعله العقل البشري فيما يتعلق بالعثور على الشخص المناسب. يمكنك على أقل تقدير أن تقصدي موقع عمله، إن كان ممكنا، وتتظاهري بأن لديك معاملة بحاجة إلى إنجاز، جدي الوقت للحديث ولو لخمس دقائق، أو يمكنك أن تجدي صديقا مشتركا، أو أحد المعارف لينظم لك مقابلة معه تبدوا كما لو كانت عن طريق الصدفة، بمعنى اتركي كل شيء يبدوا صدفة، ليس عليك أن تبدين كمن تسعى خلف رجل لا تعرف إن كان سيعجب بها أم لا.
يتجه الكثير من الناس إلى السوشيال ميديا، لإجراء محادثات عاطفية، لكنها غالبا فوضوية. قد يجلب ذلك مزيدًا من الهدوء إلى العلاقة، بالتأكيد، لكنه أيضًا لا يقود إلى علاقات صحية، قد تنتهي بالزواج. لأن مثل هذه العلاقات، تبقى عاجزة عن توفير المعلومات المهمة للعقل البشري ليحدد مدى الإنسجام والتوافق بين الشخصين، وتلك المعلومات لا تأتي إلا من خلال النظر في عين الطرف الآخر، ورؤية كيف تهبط كلماتك عليه، ورؤية كيف يستجيب جسده ( لغة الجسد)، وسماع نبرة صوته، ورؤية انطباعاته. يجب أن يحدث هذا بالفعل بينكما بطريقة لا يمكن لسلسلة رموز تعبيرية أو نص مكتوب التعبير عنها. تلك المساحة العاطفية، الفوضوية، الصعبة، المبهجة، عبر السوشيال ميديا، مهما كانت مدعومة بالصور والفيديوهات والمراسلات اليومية أو حتى اللحظية، لا يمكن أن تغني أبدا عن لقاء حقيقي، حيث يصبح كل شيء تحت المجهر، وتأتي التصرفات أكثر عفوية.
اقرئي أيضا المزيد من المقالات في هذا المجال ومنها: